المشاركات

28- هل تركيزك في مكانه الصحيح؟

 

التركيز من أهم الأمور التي يجب المحافظة عليها لمدّة طويلة ومتواصلة للحصول على نتائج ملموسة وواقعيّة، ونحن بدون التركيز سنعيش في تشتت وتخبّط بين أولوياتنا وجوانب حياتنا المتعدّدة، ولذلك حين تكون أولويتك هي التركيز المكثف على أشياء قليلة فستستطيع حينها أن تحقّق ما ترجو إليه. لكن الحقيقة أن هذا التركيز لا يأتي في يوم وليلة، لأن الإيمان بما نقوم به بشكلٍ كاف لدرجة منحنا له كامل تركيزنا يسبب لنا بعضًا من الضغط أو القلق، فماذا لو كان ما نركز عليه غير مُجدٍ إطلاقًا؟ ولذلك كان من المهم أن نمنح أنفسنا مساحة كافية لمرحلة ما قبل التركيز.

مرحلة ما قبل التركيز

علينا أن نجرّب كثيرًا ونغامر بلا قيود، هذه المرحلة -بالنسبة لي- مهمّة جدا قبل قرار الخوض في أي مجالٍ لآخر نقطة فيه، فأنا أحب التجارب المتكررة والعشوائية غير المدروسة لأنني أتعرف من خلالها على نفسي وعلى الحياة، على الخيارات الوفيرة في هذا الكون الشّاسع، فأنا قبل أن أحصر نفسي في زاوية معيّنة لأركّز على تشييدها وتعميرها لابدّ أن ألقي نظرةً على جوانب الحياة الأخرى لعلّي ألتقي بما يشبه روحي أكثر، هذه التجارب تعلّمنا كثيرًا وتكسبنا خبراتٍ وتهيّئنا للمرحلة المقبلة المليئة بالتركيز والجدّ والالتزام، ولذلك في هذه المرحلة لا تستنزف طاقتك الجادّة والملتزمة، وأشبِع فضولك ورغبتك في الاستكشاف، لأنك في مكان ما ستصادف شيئا لم تتوقع مصادفته، فقط لأنك قرّرت أن تجرّب.
 

مرحلة أثناء التركيز

بعد مرحلة الاستكشاف والتجارب المثيرة، يحين دور التركيز والالتزام، فنحن الآن سندخل في مرحلة جادّة تستلزم منا وضع خطط وتوجّهات مدروسة، لأن الخيارات العشوائية تعطنا نتائج عشوائية، والعكس صحيح، فنحن جربنا الخيارات العشوائية في المرحلة الأولى (ما قبل التركيز) لأننا نود الاستكشاف فقط، ولا نودّ الحصول على نتائج أو إحراز تقدّم في أي مجال، ولذلك كانت التجارب العشوائية مثيرة للاهتمام ومفيدة أيضًا، ولكن في هذه المرحلة فنحن لن نحقق النتائج الواقعية إلا بخطط مدروسة وبالتزام مستمر، فبعد التجارب العديدة ستقرّر ما هو المسار الذي تود أن تسلكه، أو ماهيّة الكيان الجديد الذي تودّ بناءه وتكريس الكثير من وقتك وجهدك له، في الحقيقة يفترض أن تكون في هذه المرحلة مرتاحًا ومتحمّسا، لا يجب أن يعتريك القلق أو التشكيك في مسارك، على الرغم من أن هذه المشاعر طبيعية وتزورنا بين حين وآخر، ولكن إيمانك بنفسك واختيارك قد يكون أقوى وأصلب حين تختار فعل هذا الشيء بعد تجارب وخبرات مسبقة.

مرحلة ما بعد التركيز

بالتأكيد نحن لن نستمر دائما بالتركيز بنفس الطريقة ونفس الأسلوب ولنفس الهدف، فنحن -بجانب التركيز- لابدّ أن نلقي نظرة خارجيّة بين فترة وأخرى، أن ننظر للموضوع من عين بعيدة، أو بعين محايدة، نراقب التدرّج والتطوّر، نراقب النتائج المبدئية، نعزز الصحيح ونصحّح الخطأ، هذه المرحلة أشبه بمرحلة التقييم التي تشمل كلّ شيء، بدءًا من الفكرة وصولًا إلى مهام التنفيذ وكيفيّتها وطريقتها، وأحبّ في هذه المرحلة أن أزيح تركيزي قليلًا وأنظر للخارج، إما أن أنظر لمن يقومون بعمل فكرة شبيهة لفكرتي (المنافسين مثلا)، أو أقوم بتوسيع نظرتي لأمور مختلفة عني ولكن تدعمني وتخدمني في فكرتي أو توجّهي، وأسأل نفسي سؤالًا واحدا: كيف أتطوّر؟
  
راجِع فتراتك الماضية والحالية واسأل نفسك: أنا الآن في أي مرحلة؟ وماذا يتطلب مني؟

إرسال تعليق

ما تعليقك على التدوينة؟