المشاركات

23- الهموم، مشاكل أم تصوّرات؟

يقولون أن ذكرياتك هي من تصنعك، أؤمن بهذه الفكرة بشكل جزئي، فالذكريات هي من صنعت نسختنا في الوقت الحاضر، ولكن ماذا عن نسختنا المستقبلية؟ ما الذي نعيشه اليوم وسيصنع ما نحن عليه في المستقبل؟ قد تقول بأن العمل هو من يصنعنا، أو شخصياتنا أو ظروفنا الحاليّة، ولكنني مؤمنة بأن همومك هي من تصنعك، الهموم هي الأمور التي تُثقل كاهلك، هي التي تودّ أن تقوم بالوفاء بها، أو الخلاص منها، فأنت تتصور مستقبلك بلا هذه الهموم، وأنت تستيقظ يوميا لتبحث عن حلّ جذري لهذه الهموم، ولذلك لكي تستطيع فهم صورتك المستقبلية بشكل واضح، فكّر مليا في نوعية همومك.

هموم فارغة
الكثير من الأشخاص يمتلكون هموما كبيرة بنظرهم، كيف سيحصلون على آخر نسخة من الآيفون؟ ما هي الوسيلة السريعة ليسبقوا أصدقاءهم في العمل؟ كيف سينتقمون ممن قاموا بأذيتهم في طفولتهم؟ كم من الوقت سأحتاج لأكسب قلب فلان؟ والكثير من الهموم الفارِغة التي وإن تخلّص منها الإنسان بتحقيقها، فهو لن يتقدّم خطوة واحدة، هذا إن لم يتأخر من الأصل.

هموم فارِقة
هي الهموم التي إن تخلّصت منها بتحقيقها ستصبح نسخةً مطوّرة عن نسختك الحالية، ستتقدم خطوة أو أكثر إلى الأمام، سيرتفع استحقاقك الذاتي لنفسك، وستشعر برضا داخلي عميق، وغالبًا ما يترك هذا التطوّر الإيجابيّ أثرًا ماديا أو اجتماعيا أو نفسيا أو صحيّا ملموسًا، تُدرك من خلاله عجلة الحياة وطريقة سيرها، ترفع من جودة حياتك، تستشعر أن الهمُوم لا تساوي فكرة سخيفة في عقلك تحاول التخلّص منها بشتّى الحلول، وإنما هي تشكّل نسختك المطوّرة عنك.
 

كيف تعرف همومك؟ من الفكرة التي تشغل عقلك وقلبك طوال الوقت، تنام وأنت تفكّر بها، وتستيقظ وأنت مهووس للبحث عن حلّ لها، وخلال النوم تراها جلية في حلمك، فإن كنت تملك فكرةً كهذه حاليا، فهي همّك الأكبر، وفكّر معي فيما لو تخلّصت من هذا الهم، ما هو شكلك قبل تحقيقه وبعده؟ وأين كنت وأين أصبحت؟

إرسال تعليق

ما تعليقك على التدوينة؟