6- لا تأخذ فضولك على محمل الهزل

اعتدنا الانغماس في الأعمال الروتينية كجزء لا يتجزأ من يومنا، فكل شيء حولنا منظم بدقة ويتطلّب استمرارا في تكرار العمل ذاته كلّ يوم، ذلك لأن معظم المهام المطلوبة منا تأخذ هذا الشكل، وهذا ما يتوجب علينا فعله، إنها التزامات وليست مجرد مهام قمنا باختيارها اعتباطيا، الأعمال الروتينية غير سيئة إطلاقا، ولذلك نحن لا نشعر بأن هنالك حلقة مفقودة، فهي تمنحنا عدة مميزات مثل الأمان والراحة، الأمور التي قد نفتقدها إن جرّبنا الخروج قليلًا عن هذه الدائرة المألوفة.
بالطبع يتحتم علينا القيام بأعمال روتينية كثيرة خلال اليوم ولا نستطيع أن نهملها من باب التجديد أو الخروج عن المألوف، ولكن النقطة التي أود طرحها هي أن يتم إضافة عنصر جديد لمهام يومنا، أو بمعنى آخر، هذا العنصر موجود فعلا ولا يحتاج لإضافة، ولكن علينا منحه القليل من المساحة فقط، مساحة لا بأس بها لإشباع الفضول.
في داخل كلّ منا طفل صغير فضولي يبحث عن أشياء قد يظنها بلا معنى بهدف الفضول، ولكن إعطاء المساحة للفضول قد يجعلنا نفقد ما اعتدنا عليه من مشاعر راحة وأمان، ونختبر مشاعر الخوف أو الفشل أو التشكيك، ولذلك غالبا نهرب منه باللجوء إلى عاداتنا الروتينية التي اعتدنا عليها وألفناها، لنرجع إلى دائرة الأمان المزيّف.

ماذا إن أهملنا فضولنا؟
- نستمر في دوامة تكرر نفسها يوما بعد يوم وشهرا بعد شهر وسنة بعد سنة، بلا أي تقدم يُذكر.
- تنقضي السنوات ونحن نقوم بجهد عظيم في سبيل إمضاء الأيام بأقل ضرر ممكن، لا نحصد اهتماما جديدا في مجال ما أو نجرّب أشياء جديدة أو حتى نكتشف ما نحبه حقّا.
- قد يجعلنا هذا الأمر نشعر بالسوء تجاه أنفسنا وخياراتنا، وإن كانت الراحة تشعرنا بشعور جيد مؤقتا، فنحن بعد مرور وقت طويل سنشعر بشعور سيء، هذا الشعور أشد سوءا من شعور الخوف الذي يصاحب فضولك تجاه تجربة جديدة أو فكرة مجنونة!

ماذا إن أشبعنا فضولنا؟
- نحن حتما سنتعلم شيئا ما عندما نقرر إشباع فضولنا في أمر ما، وهذا الفضول سيجرّنا لخيوط جديدة تدلّنا على ما لم نتوقعه مسبقًا، الطرق لا تتشابه ولكن من المؤكد أنك ستضطر لاكتساب مهارات متجددة في هذا الطريق.
- قد تجد رسالتك الحياتية في تجربة ما، هذه الرسالة التي ستؤديها بشكل يلائم مهاراتك التي صاحبتك في رحلتك.
- ستختبر مشاعر جديدة مثل الخوف والتشكيك والتردد وهذا يكسبك لياقة عالية في التعامل مع هذا النوع من المشاعر، الأمر الذي سيجعلك تُفدم على خطوات أكبر وأكثر خطورة من ذي قبل، والتي لم تكن ستتجرأ على خوضها إن لم تُقدم على خطوتك الأولى في إشباع فضولك.
- شعورك بالرضا الداخلي عن شجاعتك سيفوق لذة شعورك السابق بالراحة تجاه العيش في دائرتك المألوفة والمريحة.

الفضول سمة
نحن محاطون بكل الظروف التي تجبرنا وتسيّرنا ضمن دوائر مألوفة ومريحة نسبيا ولا مفر من ذلك، وأعني بذلك أنني أعي تمامًا طريقة الهروب السهلة من هذا الفضول، ولذلك أقول لمن أدرك فضوله المُلحّ وأشبعه باختياراته وإقدامه على خطوات جريئة تُخرجه عن المألوف، أنه بطل ولديه سمة تميّزه بشدّة، ورغم كل هذه الظروف التي تجبره على العيش بنظام معيّن، اختار أن يأخذ بجدية ذلك الطفل الفضولي الذي يعيش بداخله وكاد أن يموت.

إرسال تعليق

ما تعليقك على التدوينة؟