3- لماذا نجتهد في وضع الخطط المستحيلة؟


أدركت اليوم في حوار مع صديقتي بأنني لا أعترف بإنجاز المهمة ما لم تكن ضمن خطة مسبقة قد وضعتها لتحقيق هدف ما، فأنا لا أشعر بلذة الإنجاز عند قراءة كتاب ما قمت بقرائته بالمصادفة، أو نصف ساعة من السباحة لأجل الترفيه، أو حضور دورة تدريبية في مجال أحبه، لأن كل ذلك لا يعني لي أي تقدّم في طريق مسبقِ قررت أن أسلكه ضمن خطة ما، هذه الخطط التي لطالما لا تسير وفق ما يجب، ولا أعرف إن دلّ ذلك على فشلها، ولكنني -بعد الكثير من المحاولات البائسة في تنفيذ الخطط كما هي- قررت ألّا أعتبر هذا الأمر مقياسا لفشلها، ولذلك قررت كتابة هذه التدوينة لأناقشك فكرتي المعجبة بوضع الخطط المستحيلة حتى إن لم تتحقق.

كيف أضع خطتي؟

رغم اختلاف مجالات الخطط التي أقوم بوضعها إلا أنني لاحظت تكرار الخطوات نفسها في كل خطة، وسأشاركك الآن 5 خطوات لبناء الخطة:

1- أحدد الهدف: ما هو الهدف الذي أسعى إليه والذي سأقوم ببناء الخطة من أجل تحقيقه؟ أسعى دائما أن تكون أهدافي محددة وقابلة للقياس، تحتوي على أرقام معيّنة لأستطيع قياسها مستقبلًا، فمثلا مع بداية مشواري في مجال التصميم وضعت هدفًا أن أكسب المال من التصميم كعمل مستقل، وقرّرت أن حصولي على العميل رقم 1 بمثابة وصولي إلى هدفي الأولي، وفعلًا بدأت برسم خطط جديدة عندما بدأت بالحصول على العملاء عن طريق منصة تويتر، وحاليًا مع مجال الكتابة، لم أضع هدفُا أن أكون كاتبة، ولكن قررت أن أكتب 100 مقالة قبل حلول عام 2023، فالنقطة الأساسية هي أن أربط الهدف بالأرقام: عدد/زمن/كميّة.. الخ، بحسب المجال.

2- أبحث: أقوم بعملية مسح ضوئي شامل على كل الأشخاص والمعاهد والشركات والأماكن التي تمارس هذا النوع من المجال، أحدّد الأشياء التي تشبه الصورة الذهنية في عقلي، غالبًا في البداية لا أجد صورة مثالية تشبه ما أود أن أكونه، ولكنني من خلال البحث أستطيع تقصّي الحالات الموجودة والظروف المحيطة بهذا المجال وكيف يمكن أن أكون، هذه العمليّة تضع النقاط على الحروف وتوضّح لي طبيعة المجال ومدى توسّعه وكيفيّة القيام به وأماكن ممارسته.

3- أرسم المسار: من هنا أبدأ فعليا بمشوار التعلّم، وغالبًا ما تكون لدي فكرة مسبقة عن الأشخاص المؤهلين للتعليم أو التدريب، وذلك بفضل الخطوة رقم 2 التي قمت بها، وأحبّ في هذه الخطوة أن أبدأ التعلم بشكل مجاني وغالبًا ألجأ لليوتيوب، وهذه الخطوة مهمة رغم نسياني لأهميتها في كثير من الأحيان، فأقوم بشراء دورات بمبالغ مجزية وبعدها أكتشف بأنني غير مهتمة بهذا المجال إطلاقا، لذلك فالمنصات المجانية تجعلني أتأكد من صحة قراري، فأنا لابد أن أجد طريقة ما لاكتشاف نفسي بحكم ترددي المستمر في كل شيء، في مرحلة التعلم المجاني لابد من التعلّم بجدية، ورقة وقلم وممارسة لكل ما أتعلمه، وتكون هذه المرحلة ممتازة جدا إن نفّذت خلالها عملًا في المجال الذي أتعلمه، وبعدها أنتقل للمصادر المدفوعة كونها أعلى جودة وأكثر كفاءة بالإضافة إلى التواصل المباشر مع المدرب أو الشخص المسؤول عن تعليمي.

4- أنفّذ/أنتِج: في هذه المرحلة أقوم بإنتاج المزيد من الأعمال بهدف الممارسة لا النشر، بعد أن طبّقت بعض الأعمال في الخطوة السابقة وفق المبادئ الأساسية للمجال، أقوم بابتكار أعمال أو بدمج اثنين أو أكثر من دروس مختلفة، أطلق في هذه الخطوة العنان لنفسي في الممارسة والتجربة.

5- أقيّم: ألاحظ كل الخطوات السابقة وأسأل نفسي إلى أين وصلت؟ ما الذي أنجزته؟ وكيف أُحسّن خطواتي القادمة؟ هذه آخر خطوة من الخطوات التي ذكرتها لك، وغالبًا عندما أكون في الخطوة رقم 1 لا أستطيع تحديد ماهيّة الخطوة رقم 6، ولكنني عندما أصل إلى هنا يكون لديّ فكرة كافية عن الخطوة التي تليها، فتختلف الخطوة القادمة وفقًا للمعطيات الموجودة حاليا، مدى تقدّمي والتزامي، ووفقًا للمتغيّرات التي تحصل والتي يصعب علي التنبؤ بها مسبقًا، ولكنني دائمًا -تقريبًا- أبني خطتي بهذا التسلسل.

مثلًا في رحلتي بمجال التصميم كانت الخطوة رقم 6 هي البدء بالتسويق لنفسي على منصة تويتر، الأمر الذي لم أكن أتوقعه عندما كنت في الخطوة رقم 1 بمجال التصميم، ولذلك أحب ترك الخطط مفتوحة، عدا عن كونها قابلة للتغيير والتعديل دومًا، وهذا ما سأتحدّث عنه الآن.

ماذا يعني كل هذا؟

لا تجعل خططك نقمة عليك، أقولها من منطلق حب، لأنني كنت -وما زلت أحيانًا- أجلد ذاتي على عدم التزامي بالخطة، حتى لو كان المسبّب الأساسي لعدم التزامي خارجا عن إرادتي، ولكنّني أربط مقياس نجاح الخطة بالتزامي بها، وهذا الأمر يؤدي بي في نهاية المطاف إلى عدم فعل أي شيء.

ودائمًا ما أسأل نفسي "ما فائدة الخطة إن لم ألتزم بها؟" والسؤال منطقي نوعًا ما، إلا أنني أمتلك إجابة لنفسي تجعلني أستمر في وضع الخطط حتى إن لم أنفذها، أقنعت نفسي أن الخطة لابد أن تكون مرنة وقابلة للتغيير، والهدف منها هو توضيح الطريق فقط وليس رسمه!

أبني الخطة لأعرف كيف أبدأ، وإلى أين أريد الوصول، وألجأ للخطة عندما أنتهي من مهمتي الحالية وأنتقل إلى المهمة الجديدة، الخطّة تذكرني ولكن لا تعيقني، بناء الخطة لا يلغي استقبالي للمتغيرات الجديدة برحابة صدر، وربّما تقودني هذه المتغيرات لأفضل مما خططت له، وإذا لهوت بالمتغيّرات عن مساري، لا بأس! فأنا لديّ خطة أعيد النظر إليها وأعيد معها ترتيب أوراقي.

إرسال تعليق

ما تعليقك على التدوينة؟